طقس تونس: تقلبات جوية وأمطار رغم ذروة الصيف.. وهذه حقيقة موجة حر جديدة في أوت؟

طقس تونس

عادة ما يُعتبر شهر أوت في تونس ذروة فصل الصيف، حيث يسود الطقس الحار وتغصّ الشواطئ بالمصطافين. لكن صيف 2025 جاء مختلفًا، إذ عرف تقلبات مناخية حادة تمثلت في أمطار غزيرة، برد، عواصف رملية، وارتفاع كبير في الأمواج. هذه الظواهر أربكت الحياة اليومية للفلاحين، البحارة، والسياح، وأثارت نقاشًا واسعًا حول علاقتها بظاهرة التغير المناخي.

سحب كثيفة تتحول إلى سماء صافية

وفقًا لـالمعهد الوطني للرصد الجوي، تميز الطقس في الساعات الأخيرة بظهور سحب كثيفة خاصة في الجنوب الغربي. هذه السحب سرعان ما تتراجع خلال الليل لتفسح المجال لسماء صافية أو قليلة السحب على أغلب المناطق. هذا التناوب السريع بين الغيوم والانقشاع يعكس حالة من عدم الاستقرار المناخي التي أصبحت أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة.

الرياح القوية والدواوير الرملية

تهبّ الرياح من القطاع الشمالي على مناطق الشمال والوسط، ومن القطاع الشرقي على مناطق الجنوب. قوتها اللافتة قرب السواحل وأحيانًا داخل البلاد أدت إلى تشكل دواوير رملية محلية، خاصة في المناطق الصحراوية. وقد تجاوزت سرعة الرياح أحيانًا 60 كلم/س في شكل هبات، ما دفع المعهد الوطني للرصد الجوي إلى إصدار نشرات تحذيرية للبحارة والمصطافين.

درجات الحرارة: ارتفاع طفيف لكن دون موجات قصوى

تواصل درجات الحرارة تسجيل ارتفاع طفيف مقارنة بالأيام الماضية. تراوحت القصوى بين 29 و34 درجة بالشمال والمناطق الساحلية والمرتفعات، وبين 35 و40 درجة ببقية الجهات. ورغم هذا الارتفاع، يؤكد خبراء المناخ أن صيف 2025 يظل أقل حرارة من مواسم سابقة شهدت موجات قياسية تجاوزت 47° في بعض الولايات الداخلية.

البحر في حالة اضطراب وتحذيرات للسباحين

على مستوى البحر، تواصلت حالة الاضطراب الشديد بالسواحل الشرقية، قبل أن يتحول تدريجيًا إلى متموّج. أما في السواحل الشمالية فقد ظل البحر مضطربًا. هذه الظروف أثارت مخاوف المصطافين وأثرت على حركة الصيد البحري، حيث باتت الملاحة محفوفة بالمخاطر في عدة موانئ. كما شددت السلطات على ضرورة تجنب السباحة في الشواطئ غير المحروسة أو التي صدر بشأنها منع رسمي.

رأي الخبراء: طبيعي لكنه غير معتاد

اعتبر عامر بحبة، الخبير في الجغرافيا والمناخ، أن هذه التقلبات رغم حدتها تبقى طبيعية نسبيًا، خاصة في المرتفعات الغربية. لكنه أكد أنها خلّفت أضرارًا ملموسة في الغراسات الفلاحية خلال شهري جويلية وأوت، ما سيؤثر على مردودية بعض المحاصيل. ويرى أن الظواهر المناخية العنيفة أصبحت متكررة أكثر بفعل التغيرات المناخية العالمية.

هل من موجات حر قادمة؟

بحسب الخبير نفسه، فإن درجات الحرارة عرفت تراجعًا ملحوظًا مقارنة بمطلع الصيف، ومن المرجح أن تستمر الأجواء المعتدلة في الأيام المقبلة. كما استبعد تسجيل موجات حر قصوى خلال ما تبقى من شهر أوت، معتبرًا أن صيف 2025 يوصف بـ"العادي" إذا ما تمت مقارنته بمواسم سابقة سجلت أرقامًا قياسية في الحرارة والجفاف.

أضرار بشرية: حوادث غرق مقلقة

التقلبات المناخية لم تقتصر على تأثيرها على الزراعة والأنشطة الاقتصادية، بل طالت الجانب البشري أيضًا. فقد تم تسجيل أربع حالات غرق يوم الأحد الماضي في ولاية بنزرت. وأرجعت السلطات هذه الحوادث إلى نشاط الرياح وارتفاع الأمواج إضافة إلى السباحة في شواطئ غير محروسة أو ممنوعة. هذه الأرقام أثارت مخاوف متزايدة لدى الأهالي ودعت السلطات المحلية إلى تكثيف الحملات التوعوية.

تأثيرات اقتصادية واجتماعية

امتدت آثار الطقس غير المعتاد إلى قطاعات متعددة:

  • الفلاحة: الأمطار الغزيرة والعواصف أثرت سلبًا على بعض الغراسات والزراعات الموسمية.
  • السياحة: اضطراب البحر والرياح القوية حدّا من الإقبال على الشواطئ والأنشطة البحرية.
  • النقل: العواصف الرملية تسببت في انخفاض الرؤية خاصة بالجنوب، ما أثر على حركة المرور.

 صيف مختلف يستدعي الحذر

رغم أن شهر أوت عادة ما يُعرف بالاستقرار الحراري والحرارة المرتفعة، إلا أن صيف 2025 أثبت العكس. تقلبات الطقس من أمطار وعواصف ورياح قوية، مقرونة بحوادث غرق مؤلمة، تجعل من هذا الموسم صيفًا غير معتاد يحتاج إلى اليقظة المستمرة. وبينما يستبعد الخبراء موجات حر قياسية قادمة، يبقى التحدي الأكبر هو التكيف مع هذه التغيرات المناخية وضمان حماية الأرواح والممتلكات.

تعليقات