في خطوة أثارت قلقًا واسعًا بين عشاق التنس في تونس والعالم العربي، أطلقت نجمة التنس التونسية أنس جابر (30 عامًا) رسالة غامضة عبر حساباتها الرسمية، تترك علامات استفهام كبيرة حول مستقبلها في الملاعب. هل نحن أمام ابتعاد مؤقت عن المنافسات لاستعادة التوازن النفسي والبدني؟ أم أن الأمر مقدمة لـ اعتزال نهائي يطوي صفحة مسيرة رياضية استثنائية؟
وكانت جابر قد أنهت موسمها الماضي مبكرًا بسبب الإصابات، مفضلة التركيز على التعافي الجسدي بدل المشاركة في بطولات إضافية قد تزيد من مخاطرها الصحية. لكنها هذه المرة لم تتحدث بحسم عن مستقبلها، وسط مؤشرات على أن الأسباب قد تكون نفسية أكثر من كونها بدنية.
مسيرة حافلة بالإنجازات
منذ بداياتها في عالم التنس، كتبت أنس جابر اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة العالمية. فهي أول لاعبة عربية وإفريقية تصل إلى نهائي بطولة غراند سلام، وأول تونسية تدخل قائمة أفضل 10 لاعبات في العالم، قبل أن تحطم هذا الرقم بالوصول إلى المركز الثاني عالميًا في 2022.
- أفضل تصنيف عالمي: المركز 2 (جوان 2022).
- عدد الألقاب الفردية: 5 ألقاب (بينها لقب مدريد WTA 1000 في 2022).
- نهائيات البطولات الكبرى: 3 (ويمبلدون 2022 و2023، أمريكا المفتوحة 2022).
- إجمالي أرباحها المالية: أكثر من 14 مليون دولار أمريكي.
رسالة مؤثرة لجماهيرها
بعد خروجها المبكر من بطولة ويمبلدون الأخيرة، نشرت جابر رسالة مؤثرة قالت فيها: "التنس رياضة رائعة، لكن اليوم أشعر أن الوقت قد حان لأتوقف وأفكر في نفسي، لأتعافى وأرتاح وأستعيد متعة الحياة ببساطة". وأضافت: "على مدار العامين الماضيين، بذلت مجهودًا كبيرًا، وعانيت من الإصابات وتحديات أخرى كثيرة، لكن في أعماقي لم أشعر بالسعادة الحقيقية على الملعب منذ فترة طويلة".
كما أعربت عن امتنانها لجمهورها قائلة: "أشكر جمهوري على تفهمهم. دعمكم ومحبتكم يعنيان لي الكثير وسأحملهما معي دائمًا، حتى عندما أكون بعيدة عن الملاعب"..
بين الرغبة في الإنجاب وضغط المنافسات
أشارت تقارير سابقة إلى أن جابر كانت تربط حلم الإنجاب بالفوز بأول لقب في البطولات الكبرى (غراند سلام). فقد بلغت نهائيات ويمبلدون في 2022 و2023 ونهائي أمريكا المفتوحة في 2022 دون أن تتوج باللقب، وهو ما شكل لها صدمة نفسية كبيرة. وكشفت في تصريحات سابقة: "في يوم المباراة النهائية، شعرت أنني لا أستطيع، كانت أصعب خسارة في مسيرتي، لقد حطمتني نفسيًا".
ومنذ تلك اللحظة، تراجع تصنيف جابر عالميًا إلى المركز 71، بعد أن كانت تحتل وصافة الترتيب في 2022، لتصبح مهددة بالخروج من قائمة أفضل 100 لاعبة في العالم.
محللون رياضيون يربطون خطوة جابر بعاملين رئيسيين:
- الإصابات المتكررة التي لاحقتها خلال الموسمين الأخيرين، ومنعتها من الحفاظ على استقرارها البدني.
- الضغط النفسي الهائل الناتج عن خسارتها لنهائيات كبرى كانت على وشك تغيير تاريخها الرياضي.
محلل قناة Eurosport قال:
“أنس لاعبة موهوبة جدًا، لكن صدماتها النفسية بعد خسارات كبيرة ربما جعلتها تفقد شغفها مؤقتًا.”
تأثير القرار على التنس العربي والإفريقي
غياب جابر، حتى لو مؤقتًا، سيكون له تأثير عميق على التنس في العالم العربي والقارة الإفريقية، حيث تعتبر رمزًا لجيل كامل من اللاعبات الصاعدات.
- إلهام الأجيال الجديدة: الكثير من الشابات في تونس والدول العربية يعتبرنها قدوتهن الأولى.
- الاستثمار والرعاية: شركات عديدة دخلت السوق التونسية بفضل تألقها عالميًا.
دعم جماهيري غير مسبوق
رغم الغموض المحيط بمستقبلها، أظهرت جماهير التنس دعمًا هائلًا للاعبة التونسية. على مواقع التواصل الاجتماعي، تصدرت هاشتاغات مثل:
- #كلنا_أنس
- #عودة_قوية_لأنس
أحد المشجعين كتب:
“إذا كانت بحاجة إلى الراحة، فنحن معها. لكن نريد أن نراها تعود أقوى.”
سيناريوهات المستقبل: اعتزال أم عودة؟
السيناريو الأول: ابتعاد مؤقت لإعادة التأهيل الجسدي والنفسي، مع عودة محتملة في بداية موسم 2026.
السيناريو الثاني: قرار مفاجئ باعتزال نهائي، خصوصًا إذا ركزت على حياتها الشخصية وتحقيق حلم تكوين أسرة.
الخبراء يرجحون الخيار الأول، مؤكدين أن أنس “لا تزال تملك القدرة على كتابة التاريخ إن استعادت شغفها”.
بينما يترقب عشاق التنس الخطوة المقبلة لأنس جابر، يبقى الأمل معلقًا على أن تعود نجمة تونس والعرب إلى الملاعب قريبًا، ليس فقط لتنافس على الألقاب، ولكن لتواصل كتابة قصة الإلهام التي بدأتها منذ سنوات. نجاحها القادم لن يكون مجرد انتصار رياضي، بل سيكون انتصارًا على التحديات النفسية والبدنية التي تواجهها نخبة الرياضيين العالميين.