شهدت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب، المنعقدة يوم الاثنين 21 جويلية 2025، نقاشًا عاما حول مشروع قانون العفو العام عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد (عدد 08/2025). حضر الجلسة ممثلو جهة المبادرة، حيث كان الهدف الرئيسي من المشروع التخفيف من الاكتظاظ القضائي والسجني، وإعادة إدماج المحكومين في الدورة الاقتصادية، مع الحفاظ على حق الدائنين في التتبع المدني.
أهداف مشروع القانون ومبرراته
يهدف مقترح القانون إلى إقرار عفو عام عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا يتجاوز قيمته 5 آلاف دينار تونسي. ويرى أصحاب المبادرة أن هذا الإجراء سيسهم في:
- تقليص الضغط على المحاكم والمؤسسات السجنية.
- إعادة إدماج المدينين اقتصادياً واجتماعياً.
- التخفيف من تداعيات الأزمات الاقتصادية على الأفراد.
- تسوية وضعيات المتورطين في قضايا الشيكات بدون الإضرار بحقوق الدائنين.
نقاش النواب: بين التأييد والتحفظ
تطرق النواب خلال النقاش العام إلى عدة نقاط محورية من بينها:
- المطالبة بأن يشمل العفو جميع المحكومين في قضايا الشيكات دون استثناء.
- التحذير من أن تحديد سقف لقيمة الشيكات قد يفرغ القانون من مضمونه.
- الدعوة إلى تكريس مقاربة إصلاحية بدلاً من المقاربة العقابية التقليدية.
- التأكيد على ضرورة ضمان حقوق المستفيدين من الشيكات.
- اعتبار المشروع أداة لتخفيف العبء على السجون ودعم الإدماج الاقتصادي.
رفض التصويت على القانون
في ختام النقاش، ورغم تفاعل جهة المبادرة مع مختلف المداخلات، تم التصويت بالرفض على الانتقال إلى مناقشة فصول مشروع القانون، ما أثار استياء بعض الأطراف الداعمة له.
الخبير الاقتصادي سامي العرفاوي: القانون كان منقوصاً
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي سامي العرفاوي أن مشروع القانون المرفوض كان خطوة مكملة للتشريعات السابقة، خاصة القانون عدد 41 لسنة 2024. وأوضح أن القانون المقترح كان يفتقر إلى الآليات الكفيلة بضمان حقوق الدائنين المالية في حال التخلي عن العقوبات السجنية، ما دفع النواب إلى رفضه.
القانون عدد 41 لسنة 2024: بين الإيجابيات والانتقادات
وكانت تونس قد أصدرت خلال أوت 2024 القانون عدد 41 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المدونة التجارية. ومن أبرز ما جاء به:
- إلغاء العقوبات السجنية بالنسبة للشيكات التي لا تتجاوز 5 آلاف دينار.
- إلزام البنوك باتخاذ تدابير لتجنب إصدار شيكات بدون رصيد.
- إدراج عناصر تحقق إلكترونية لضمان سلامة المعاملات.
- إنشاء منصة رقمية تسمح بالتحقق من رصيد الحساب قبل إصدار الشيك.
رغم هذه الإصلاحات، يرى بعض الخبراء أن القانون خلق حالة من عدم الثقة لدى التجار والمواطنين، إذ لم يعد الشيك وسيلة ضغط لضمان السداد، ما أثر سلبًا على المعاملات التجارية بالتقسيط.
آثار اقتصادية واجتماعية للقانون الجديد
يؤكد خبراء الاقتصاد أن القانون الجديد ساهم بالفعل في تقليص أعداد المساجين، لكنه في المقابل أدى إلى:
- تراجع استهلاك الطبقة المتوسطة التي تعتمد على الشيكات لتسيير حياتها اليومية.
- خشية التجار من التعامل بالشيكات كضمان للدفع المؤجل.
- زيادة الركود الاقتصادي نتيجة تقلص السيولة لدى المواطنين.
ما الحلول المقترحة؟
يقترح بعض المتخصصين حلولاً بديلة مثل:
- إقرار جدولة للديون عبر تعهدات رسمية لدى عدل إشهاد.
- اعتماد الكمبيالات كآلية قانونية للدفع المؤجل.
- تعزيز الثقة في المنظومة البنكية عبر رقمنة التعاملات.
وفي انتظار مبادرات تشريعية جديدة، يبقى موضوع قضايا الشيكات بدون رصيد أحد أبرز الملفات الجدلية في الساحة القانونية والاقتصادية بتونس، لما له من انعكاسات مباشرة على حياة آلاف الأسر وعلى الدورة الاقتصادية الوطنية.