يعيش سوق الذهب في تونس خلال الأشهر الأخيرة حالة من الاستقرار النسبي، رغم ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام حول "قفزات كبيرة" في الأسعار. وقد جاء توضيح حاتم بن يوسف، رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ، ليضع الأمور في نصابها مؤكدًا أن الزيادات التي شهدتها السوق محدودة جدًا ولا ترقى إلى مستوى الارتفاع الكبير.
الذهب بين الواقع والشائعات
أوضح بن يوسف أن أسعار الذهب لم تتجاوز سوى زيادة طفيفة تراوحت بين 40 و50 دينارًا مقارنة بالصائفة الماضية، وهو ما يعد تطورًا طبيعيًا بالنظر إلى التقلبات العالمية في بورصات المعادن الثمينة. وأكد أن هذا النسق لا يُعتبر ارتفاعًا استثنائيًا كما يحاول البعض تصويره. وبيّن أن سعر الذهب عيار 18 بلغ حاليًا حوالي 300 دينار للغرام الواحد، وهو ما يعكس استقرارًا ملحوظًا.
آخر أسعار الذهب في تونس – 9 جويلية 2025
وفق آخر المؤشرات الواردة من البورصة التونسية، بلغ سعر أونصة الذهب اليوم الأربعاء 9 جويلية 2025 نحو 9,552.19 دينار تونسي. وفيما يلي تفاصيل الأسعار حسب العيارات المتداولة:
- عيار 24: 307.10 دينار
- عيار 22: 281.30 دينار
- عيار 21: 268.71 دينار
- عيار 18: 230.33 دينار
- عيار 14: 179.65 دينار
- عيار 9: 115.16 دينار
هذه الأرقام تُظهر أن السوق التونسية تتحرك في إطار طبيعي يتماشى مع حركة الذهب في الأسواق العالمية، خاصة في ظل ارتباط الأسعار المحلية بشكل مباشر بأسعار التداول الدولية وسعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية.
عزوف المستهلكين رغم استقرار السوق
ورغم الاستقرار الملحوظ في الأسعار، فإن إقبال المستهلكين على شراء الذهب في تونس يعرف تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة. ويعود هذا العزوف إلى عدة أسباب، أبرزها الوضعية الاقتصادية للأسر التونسية التي تعاني من ضغوط مالية متزايدة بسبب ارتفاع كلفة المعيشة، وهو ما يجعل الذهب، رغم استقراره، من الكماليات المؤجلة لدى كثيرين.
ويشير تجار المصوغ إلى أن موسم الأعراس الذي يُعتبر عادةً فترة انتعاش لسوق الذهب، لم يُسجّل هذا العام نفس الزخم، حيث يفضّل الكثير من الأزواج الاقتصار على كميات صغيرة من الحلي أو الاتجاه نحو بدائل أقل كلفة. هذه الظاهرة، وإن كانت مؤقتة، فإنها تعكس مدى ارتباط سوق الذهب بالقدرة الشرائية للمواطن.
العوامل المؤثرة على أسعار الذهب
يُجمع الخبراء على أن أسعار الذهب في السوق التونسية تتأثر بعاملين أساسيين: البورصات العالمية وسعر صرف الدينار. فعندما يرتفع سعر الذهب عالميًا أو يتراجع الدينار أمام الدولار واليورو، ينعكس ذلك مباشرة على الأسعار المحلية. وعلى العكس، إذا تحسنت قيمة الدينار أو انخفض الذهب عالميًا، تتراجع الأسعار داخليًا.
وإضافة إلى هذه المؤثرات، فإن تكاليف النقل والضرائب وكذلك الطلب المحلي تلعب دورًا في تحديد السعر النهائي للمجوهرات. لذلك يختلف سعر الغرام من الذهب الخام عن سعر نفس الغرام بعد التصنيع بسبب كلفة الصياغة والتزويق.
هل الذهب استثمار آمن في تونس؟
يعتبر الكثير من التونسيين الذهب ملاذًا آمنًا لحماية مدخراتهم من التضخم وفقدان قيمة العملة. غير أن الخبراء ينصحون بالتريث وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تضخّم من حجم الارتفاعات. فالسوق، بحسب المعطيات الحالية، يشهد استقرارًا نسبيًا يجعل من الاستثمار في الذهب خيارًا طويل المدى أكثر منه مضاربة قصيرة الأمد.
كما أن اقتناء الذهب في شكل سبائك صغيرة أو أونصات خام يُعد خيارًا أفضل للمستثمرين مقارنة بالمجوهرات المصنعة التي تتضمن كلفة إضافية عند البيع والشراء.
يمكن القول إن سوق الذهب في تونس يعيش حالة من التوازن الحذر، حيث لم تشهد الأسعار القفزات الكبيرة التي يروّج لها البعض، بل ظلت ضمن مستويات مستقرة مع تسجيل زيادة طفيفة لا غير. غير أن العزوف النسبي عن الشراء يعكس واقعًا اقتصاديًا صعبًا يجعل الذهب حاضرًا بقوة في الذاكرة الاستثمارية لكنه بعيد المنال عن الاستهلاك الواسع في الوقت الراهن.